*تقرير سياسي عن أحداث الساعة
*فعلا..ليسوا "لاجئين".. بل بني آدمين!!
*مصر لم تتاجر أبدا بأزمة الفارين من ويلات الحروب
*السوريون والعراقيون والسودانيون والليبيون واليمنيون.. والصوماليون يأكلون طعامنا ويشربون شرابنا .. دون منّ أو أذى
*أردوغان تركيا.. يستغل ورقة "المشردين" لحل أزماته الداخلية..!
*إنها رسالة لأولئك الذين يصرون على "اغتيال"الحقوق":
بالله عليهم.. ماذا يفعل شباب الفلسطينيين الذين حرموا من أبسط مقومات الحياة..؟؟
أقل الأضرار.. الهجرة غير الشرعية
*دولة داخل الدولة.. وضع لا يستقيم أبدا..!
*وماذا ..تجدي الانتخابات في بلد ممزق .. يتنازعه المحتلون من كل جانب..؟؟
*حينما تضعف الصحافة.. يصبح دمها مستباحا أكثر وأكثر
*نداء لوزير النقل:
أرجوك كفى ترديد عبارتك التقليدية: "حاجة بسيطة"!
العالم مشغول ليل نهار بأزمة اللاجئين ..!
الخلافات تحتدم بين الأحزاب السياسية في دول شتى بأوروبا حول قبول الفارين من ويلات الحروب للعيش في بلدان غير بلدانهم أم لا..!
فرنسا رغم أن لها موقفا من الأزمة حيث ترى أن العامل الإنساني يفرض ضرورة توفير الإقامة والحماية لهؤلاء الذين لم يكن لهم ذنب فيما جرى ويجري في بلادهم.. إلا أن الأمر لا يخلو أحيانا من أن ترتفع صيحات الاعتراض والرفض..!
المجر أغلقت محطة القطارات التي وصل إليها المهاجرون السوريون.. واحتجزتهم بأحد مبانيها بل منعتهم من الانتقال للنمسا إما عقابا .. أو تشفيا .
نفس الحال بالنسبة لبلغاريا التي أقامت سياجا على طول الحدود مع تركيا لمنع المهاجرين من عبور أراضيها إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي..!
حتى سلوفاكيا قالت إن كل ما في وسعها استضافة 200هارب سوري فقط..!
وبالرغم من أن "تركيا" تعد ضالعة فيما تتعرض له سوريا .. إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان يقف بين كل لحظة وأخرى ليصف المطاردين عبر الحدود بأنهم كارثة الكوارث..!
***
طبعا.. المشكلة ليست وليدة اليوم..لكنها نشأت منذ غزو أمريكا للعراق في مارس 2003 ثم ازدادت حدة خلال النصف الثاني من عام 2015 حيث أخذ الآلاف من السوريين مغادرة مدنهم وقراهم هروبا من ويلات القتال الدائر بين قوى مختلفة فرضت نفسها على الساحة فرضا.
حيث بلغ عدد هؤلاء تقريبا الآن نحو سبعة ملايين موزعين بين بعض الدول الأوروبية وكل من مصر ولبنان والأردن وتركيا والعراق..!
ولأن"الغريب".. شاء قدره أن يعاني .. وأن يتألم وأن يذرف الدمع على الأهل والولد والمال ..و..والأرض..فإن هؤلاء اللاجئين ليس أمامهم سوى أن يتحملوا .. ويصبروا .. إلى أن يقضيَ الله أمرا كان مفعولا..!
ولكن..
أكرر ولكن موقف مصر إزاءهم مختلف .. وأيضا مشرف وإنساني بكل ما تحمله الكلمة من معني.
***
الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن منذ أيام أن مصر تستضيف الملايين من اللاجئين من جنسيات مختلفة حيث يتم توفير سبل المعيشة لهم دون عزلهم في معسكرات أو ملاجئ إيواء ويتمتعون بمعاملة متساوية مع المواطنين المصريين في مختلف الخدمات.
وما قاله الرئيس السيسي .. حقائق يعرفها القاصي والداني.. وكثيرا ما تشيد بها الدول سواء التي تتعامل مع القضية بإيجابية .. أو التي اتخذت نهجا سلبيا منذ البداية –كما أشرت سالفا-.
الأهم .. والأهم .. أن هؤلاء الوافدين إلينا يجمعون على أنهم لا يجدون في مصر الحضن الدافئ فقط.. بل أيضا الحنان.. والرحمة .. والعيش الكريم.
فعلا .. الجميع –على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم وتباين أوطانهم- لا يستشعرون أبدا أن ثمة فروقا بينهم وبين بعضهم البعض.. بل بينهم وبيننا..!
باختصار شديد.. السوريون والعراقيون والسودانيون والليبيون والصوماليون.. جميعهم يأكلون طعامنا..ويشربون شرابنا.. ويحصلون على البنزين والطاقة والمياه بنفس الأسعار.. وأيضا يستخدمون المواصلات العامة والخاصة بغير خطوط فاصلة بيننا وبينهم.
الأكثر .. والأكثر أن منهم من أقام مشروعات تجارية وغذائية تحقق لهم أرباحا مما يوفر لهم حياة رغدة افتقدوها منذ أن اندلعت ألسنة اللهب في ديارهم والتي مازالت نيرانها مشتعلة حتى الآن.
كل هذا يحدث دون منّ أو أذى من جانب المصريين على اختلاف مستوياتهم بدءا من رئيس الدولة .. وحتى المواطن البسيط الذي يرى أنه لا يفعل سوى الواجب الذي تفرضه عليه عاداته وتقاليده وأصالته المعهودة.
ورغم أننا نربأ بأنفسنا أن نكون محور مقارنة بيننا وبين الآخرين.. إلا أننا نكتفي بالإشارة فقط .. إلى هذا الاستغلال الرديء من جانب الرئيس التركي – على سبيل المثال- الذي أقدم على احتلال أجزاء من الأراضي السورية مقابل "الباب المفتوح" ويقصد به تدفق السوريين إلى 9محافظات تركية على الحدود"المشتركة".
ليس هذا فحسب .. بل استغل الأزمة في تصفية الحسابات بينه وبين معارضيه لاسيما "الأكراد" حيث أخذ في اعتقالهم .. وتعذيبهم.. بحجة حماية الأمن القومي..!
***
أيضا يحسب لمصر في هذا الصدد نجاحها في القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية قضاء مبرما الأمر الذي أدى تلقائيا ويؤدي إلى منع استخدام شواطئها وموانيها جسورا للعبور إلى أوروبا خصوصا من جانب الأفارقة.. وهذا ما أعلنته مرارا وتكرارا الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود " فرونتكس" مشيدة بجهد مصر التي أكدت بدورها على عدم إبحار أي قارب واحد شارد عبر مياهها منذ عام 2016.
***
هنا.. لابد من التوقف قليلا.. لننبه ونذكر أن ما تنهجه مصر من سياسات داخلية وخارجية .. سواء أمنية.. أو عسكرية إنما يعد سلسلة متصلة الحلقات .. فلولا الحرب الشاملة ضد الإرهاب التي حققت من خلالها انتصارات مبهرة..ما تمكنت من أن تلغى من قاموسها.. ما سبق أن تردد كثيرا "الهروب بقوارب الموت"..!
على الجانب المقابل.. يمكن القول إن برامج التنمية التي تنفذها في شتى أرجاء الوطن ومن بينها كفر الشيخ التي كانت مصدرا من مصادر الهجرة غير الشرعية كان لها أبلغ الأثر في توفير فرص العمل للشباب الذين أيقنوا مؤخرا أن الحياة داخل وطنهم مستمتعين بالأمان والاستقرار .. أفضل ألف مرة ومرة.. من السفر إلى عالم مجهول وغالبا ليس فيه نقطة نهاية حيث تبتلع المياه الأرواح والأجساد ..!
***
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فإن أولئك الذين يصرون على اغتيال حقوق البشر.. إنما يتسببون في شيوع ظاهرة الهجرة غير الشرعية ومعها دفع المغلوبين على أمرهم والمحبطين إلى الانضمام رغما عنهم إلى صفوف الإرهاب والإرهابيين ..!
يعني.. عندما تتخذ أمريكا كل هذه الإجراءات القاسية ضد الفلسطينيين بما يحرمهم حتى من استنشاق الهواء من أجل عيون إسرائيل .. أليست بذلك تهدد أمنها قبل أمن الآخرين؟!
***
ولأن الأحداث هذا الأسبوع كلها مرتبطة ببعضها البعض دعونا نخطو بضع خطوات حتى لبنان.. لنتعرف على طبيعة المناخ السياسي حينما تترسخ يوما بعد يوم أركان دولة داخل الدولة..!
لقد هاجم حزب الله من خلال قناته التليفزيونية المسماة بالمنار دولة الكويت وحكومتها الأمر الذي أزعج حكومة سعد الحريري .. بل ونبيه بري رئيس مجلس النواب وحليف حزب الله حيث أصدر بدوره بيانا أكد فيه رفض الإساءة للكويت وأميرها مؤكدا أن اللبنانيين سيحفظون لهما أياديهم البيضاء التي امتدت لهم في الشدة والرخاء..!
الأغرب والأغرب .. أن لا أحد في لبنان يستطيع وقف حزب الله عن تجاوزاته وإصراره على أن يكون بعيدا عن المساءلة والحساب رغم سلوكياته المتطرفة في الداخل والخارج..!
***
ثم.. ثم دعونا .. نتحرك قليلا من لبنان إلى سوريا التي تجري بها الآن انتخابات المجالس المحلية..!
أي انتخابات.. ومن الذي يمثل من .. ومن الذي يدافع عن مصلحة من.. وسط كل هذا التمزق.. والتشرذم..و..و..والاحتلال..؟
احتلال الأرض والإنسان من جانب إيران .. وتركيا .. وروسيا .. وأمريكا.. و..و.. والبقية تأتي..!
***
وثمة ملاحظة على الصحافة الورقية التي أصابها الضعف والوهن في مختلف أنحاء العالم.
وكالعادة .. انصرف عنها المؤيدون والمتحمسون السابقون.. لكني أرى أن الوفاء يستلزم الدفاع عنها حتى ولو كانت بعيدة .. بعيدة..!
في إيطاليا .. يتهمون صحافتهم بتلويث النقاش العام..!
طبعا اتهام لم يكن شائعا من قبل وبناء عليه فيجب حرمانها من الإعلانات الحكومية وشركات قطاع الأعمال..!
تصوروا إلى أي مدى وصلت ضراوة الانتقام..؟؟
ولا أحد يدري ما إذا كانت الصحافة ستخضع وتستسلم أم تظل تقاوم حتى آخر قطرة دماء..؟
***
أخيرا.. أوجه نداء للدكتور هشام عرفات وزير النقل :
أرجوك.. أرجوك .. أن تكف عن عبارة "حاجة بسيطة" عقب كل حادث قطار..!
يعني إيه حاجة بسيطة..؟؟
ويعني إيه.. تكرار الحوادث بصفة شبه منتظمة..!
لا يا سيادة الوزير..
حتى ولو افترضنا أنها حاجة بسيطة .. فلابد من احترام مشاعر المصابين .. أو الجرحى.. أو .. أو.. الموتى..!
***
والآن مسك الختام:
لقد اخترت لك هذه الأبيات من شعر حاتم الطائي:
فلا الجود يغني المال قبل فنائه
ولا البخل في المال الشحيح يزيد
فلا تلتمس بخلا يعيش مقترا
لكل غد رزق يعود جديد
ألم تر أن الرزق غادٍ ورائحٍ
وأن الذي يعطيك سوف يعود
***
..و..وشكرا